لماذا يخشى الاحتلال ثورة فلسطينية؟
تتابع تل أبيب بقلق الحراك الشعبي الفلسطيني الداعي إلى إنهاء الاحتلال، وتعد العدة لسيناريو التصدي لثورة شعبية محتملة ومشابهة للثورات الشعبية التي شهدها عدد من الدول العربية.
فقد كشفت مؤخرا وسائل إعلام إسرائيلية عن استعدادات وخطط يعدها الاحتلال للتصدي لمظاهرات مدنية فلسطينية في حال نشوبها بكافة الأراضي الفلسطينية، بما فيها المناطق والبلدات الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948.
ويجمع محللون فلسطينيون على أن الباعث على الخشية الإسرائيلية هو الخوف من أن يتحرك الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية ومناطق 48 والشتات، ويتوحد حول هدف طرد الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن الاحتلال يدرك أن الشباب الفلسطيني تأثر بموجة التغييرات الشعبية الجارية في المنطقة العربية، وسيخرج في مظاهرات سلمية ضد واقع وصلت فيه المفاوضات السياسية إلى طريق مسدود وتوقفت معه أيضا أنشطة المقاومة.
شعور بالخطر
وأوضح عوكل أن إسرائيل تشعر بالخطر وترتعب من أي عمل شعبي ديمقراطي سلمي، مشيرا إلى أن خروج الفلسطينيين بشكل سلمي، أسوة بما يجرى في البلدان العربية، سيعمق عزلة إسرائيل وسيضعها في موقف صعب جدا على المستوى الإقليمي والعالمي.
وذكر المحلل الفلسطيني للجزيرة نت أن الاحتلال الإسرائيلي لم يسقط من حسابات مخططاته وسيناريوهاته لمواجهة الحراك الشعبي الفلسطيني المحتمل اللجوء إلى التصعيد العسكري لتشتيت الانتباه.
من جانب آخر، أكد المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي إسماعيل مهرة أن إسرائيل تتابع حركة الثورات العربية الشعبية باهتمام كبير، لإدراكها أنها ستكون الخاسر الأكبر على صعيد تمرير سياستها في المنطقة.
وذكر أن أحد أهم الاستنتاجات التي خرج بها الاحتلال هو أن الشعب الفلسطيني بدأ يدرك قوة الحراك وقوة الاعتماد على فئات المجتمع كلها، وعدم حصر القضية ونضاله على النخب العسكرية أو السياسية أو حتى المثقفين، لأن الشارع –حسب تعبيره- أسهل بكثير في التحرك وأكثر إقناعا للرأي العام الغربي من النخب.
إفشال الحراك
ويتفق مهرة في حديثه للجزيرة نت مع طلال عوكل في أن إسرائيل تسعى جاهدة لإفشال أي حراك شعبي فلسطيني مرتقب، مشيرا إلى أنه حتى ولو نجح الحراك الشعبي في إنهاء الانقسام الفلسطيني، فإن ذلك في حد ذاته يشكل خطرا جديا، لأنه سيقود حتما إلى حراك أكبر لإنهاء الاحتلال.
من جانبه يرى المختص في الشأن الإسرائيلي رئيس تحرير وكالة معا الإخبارية المحلية، ناصر اللحام، أن الاحتلال الإسرائيلي لم يستخلص العبر من الثورات العربية ولا يزال يفكر بعقليته المبنية على الغرور والهيمنة العسكرية، مشيرا في هذا الإطار إلى أن الدولة العبرية تستنفر قوتها لمواجهة محتملة مع ثورة تنطلق من الموقع الاجتماعي على الإنترنت (فيسبوك) ولا تريد أن تفهم أنها لا تستطيع قصف فيسبوك بالمدفعية.
وقال اللحام “إسرائيل تعرف تماما أن الانتفاضة القادمة هي مسألة وقت وأن الشعب الفلسطيني لن يستسلم ولن يرضى بالاستيطان والعدوان المستمر ولن يرضى بحصار غزة المستمر ولن يرضى عن الفيتو الأميركي، وهذه كلها مقومات الانتفاضة القادمة بانتظار شرارة البدء”.
وأضاف في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت أن إسرائيل تجهز نفسها لمواجهة الحراك الشعبي على ثلاث جبهات، الأولى على صعيد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، والثانية في الضفة الغربية والثالثة في غزة، لافتا إلى أن كل جبهة من هذه الجبهات لها خطة مختلفة عن الأخرى، وما يجمع بينها هو التصدي لها برد عسكري قوي لردع التظاهرات.